WORLD LAKE | منتديات بحيرة العالم | افلام عربي | افلام اجنبي | افلام هندى | اغاني | العاب | mp3
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتعريف نفسك الينا
بالدخول الي المنتدي اذا كنت عضو او التسجيل ان لم تكن عضو
وترغب في الأنضمام الي أسرة المنتدي

التسجيل سهل جدا وسريع وفي خطوة واحدة
وتذكر دائما أن باب الأشراف مفتوح لكل من يريد
ف
المنتدي بحاجة الى مشرفين

ادارة المنتدي
WORLD LAKE | منتديات بحيرة العالم | افلام عربي | افلام اجنبي | افلام هندى | اغاني | العاب | mp3
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتعريف نفسك الينا
بالدخول الي المنتدي اذا كنت عضو او التسجيل ان لم تكن عضو
وترغب في الأنضمام الي أسرة المنتدي

التسجيل سهل جدا وسريع وفي خطوة واحدة
وتذكر دائما أن باب الأشراف مفتوح لكل من يريد
ف
المنتدي بحاجة الى مشرفين

ادارة المنتدي
WORLD LAKE | منتديات بحيرة العالم | افلام عربي | افلام اجنبي | افلام هندى | اغاني | العاب | mp3
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

WORLD LAKE | منتديات بحيرة العالم | افلام عربي | افلام اجنبي | افلام هندى | اغاني | العاب | mp3

افلام عربى ، افلام اجنبى ، اغانى ، العاب ، برامج ، موبايل ، سيمزات ، نوكيا ، طرب ، منتديات بحيرة العالم ، DVD ، كرتون ، ستار ، mp3 ، arb ، world-lake.com ، افلام هندى ، افلام ممنوعه من العرض ، تعليم ، اشهار المنتديات ، استايل ، حصريا ، صور ، برنامج
 
الرئيسيةبوابة البحيرةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
طيور الجنة

هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Default6
طيور الجنة


العمر العمر : 28
رقم العضوية رقم العضوية : 10079
عدد المشاركات عدد المشاركات : 5097
نقاط النشاط نقاط النشاط : 12346
التقييم التقييم : 315
الجنس الجنس : انثى
من من : مصر
وسام البحيرة وسام البحيرة : هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث 0e27fb10
هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث 6syvc410

هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Empty
مُساهمةموضوع: هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث   هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Icon_minitime16/12/2009, 11:12 am

هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث 1258262141
هذه مشاركة أردت بها الارتقاء بأساليبنا وطريقة تفكيرنا وعرضنا لما نحس به ونشعر ، وهي عبارة عن أجمل
ما كتب في العصر الحديث ، وهي دعوة لكل من عنده مقال لأئمة البيان في عصر الثورة الأدبية الحديثة فليرقمه
هنا وله منا دعوة صادقة ، وإني أحتسب هذا العمل لوجه الله لا أريد من أحد جزاء ولا شكورا ومن أراد الإفادة
منه على أي وجه كان فله ذلك شريطة أن يدعو لنا بظهر الغيب .
__________________________________________________
_____________

ولنستفتح بالحبيب الرافعي :

__________________________________________________ ____________


مدرسة الثلاثين يوماً

[align=justify]لم أقرأ لأحد قولاً شافياً في فلسفة الصوم وحكمته، أما منفعته للجسم، وأنه نوع من الطب له،

وباب من السياسة في تدبيره، فقد فرغ الأطباء من تحقيق القول في ذلك. وكأن أيام هذا الشهر المبارك إن هي
إلا ثلاثون حبة تؤخذ في كل سنة مرة، لتقوية المعدة وتصفية الدم وحياطة أنسجة الجسم، ولكنا الآن لسنا بصدد
من هذا وإنما نستوحي تلك الحقيقة الإسلامية الكبرى التي شرعت هذا الشرع لسياسة الحقائق الأرضية
الصغيرة، عاملة على استمرار الفكرة الإنسانية فيها، كي لا تتبدل النفس على تغيّر الحوادث وتبدلها، ولكيلا
تجهل الدنيا معاني الترقيع إذا أتت على هذه الدنيا معاني التمزيق.

من معجزات القرآن الكريم أنه يدخر في الألفاظ المعروفة في كل زمن، حقائق غير معروفة لكل زمن، فيجلّيها
لوقتها حين يضج الزمان العلمي في متاهته وحيرته، فيشغب على التاريخ وأهله مستخفاً بالأديان، ويذهب يتتبع
الحقائق، ويستعصي في فنون المعرفة، ليستخلص من بين كفر وإيمان، ديناً طبيعياً سائغاً، يتناول الحياة أول ما
يتناول فيضبطها بأسرار العلم، ويوجهها بالعلم إلى غايتها الصحيحة ويضاعف قواها بأساليبه الطبيعية، ليحقق
في إنسانية العالم هذه الشيئية المجهولة التي تتوهمها المذاهب الاجتماعية ولم يهتد إليها مذهب منها ولا
قاربها، فما برحت سعادة الاجتماع كالتجربة العلمية بين أيدي علمائها: لم يحققوها ولم ييأسوا منها، وبقيت تلك
المذاهب كعقارب الساعة في دورتها: تبدأ من حيث تبدأ، ثم لا تنتهي إلا إلى حيث تبدأ.

يضطرب الاشتراكيون في أوروبا وقد عجزوا عجز من يحاول تغيير الإنسان بزيادة ونقص في أعصابه، ولا يزال
مذهبهم في الدنيا مذهب كتب ورسائل، ولو أنهم تدبروا حكمة الصوم في الإسلام، لرأوا هذا الشهر نظاماً عملياً
من أقوى وأبدع الأنظمة الاشتراكية الصحيحة، فهذا الصوم فقر إجباري تفرضه الشريعة على الناس فرضاً
ليتساوى الجميع في بواطنهم، سواء منهم من ملك المليون من الدنانير، ومن ملك القرش الواحد، ومن لم يملك
شيئاً. كما يتساوى الناس جميعاً في ذهاب كبريائهم الإنسانية بالصلاة التي يفرضها الإسلام على كل مسلم، وفي
ذهاب تفاوتهم الاجتماعي بالحج الذي يفرضه عليه من استطاع.

فقر إجباريّ يراد به إشعار النفس الإنسانية بطريقة عملية واضحة كل الوضوح، أن الحياة الصحيحة وراء
الحياة لا فيها، وأنها إنما تكون على أتمها حين يتساوى الناس في الشعور لا حين يتنازعون بإحساس الأهواء
المتعددة.

ولو حققت رأيت الناس لا يختلفون في الإنسانية بعقولهم، ولا بأنسابهم ولا بمراتبهم، ولا بما ملكوا، وإنما
يختلفون ببطونهم وأحكام هذه البطون على العقل والعاطفة، فمن البطن نكبة الإنسانية، وهو العقل العملي على
الأرض. وإذا اختلف البطن والدماغ في ضرورة، مدَّ البطن مدّه من قوى الهضم فلم يبق ولم يذر.

ومن ههنا يتناوله الصوم بالتهذيب والتأديب والتدريب، ويجعل الناس فيه سواء: ليس لجميعهم إلا شعور واحد
وحسّ واحد وطبيعة واحدة، ويحكم الأمر فيحول بين هذا البطن وبين المادة، ويبالغ في إحكامه، فيمسك حواشيه
العصبية في الجسم كله يمنعها تغذيتها ولذتها حتى نفثة من دخينة.

وبهذا يضع الإنسانية كلها في حالة نفسية واحدة تتلبس بها النفس في مشارق الأرض ومغاربها، ويطلق في هذه
الإنسانية كلها صوت الروح يعلم الرحمة ويدعو إليها، فيشبع فيها بهذا الجوع فكرة معينة هي كل ما في مذهب
الاشتراكية من الحق، وهي تلك الفكرة التي يكون عنها مساواة الغني للفقير من طبيعته، واطمئنان الفقير إلى
الغني بطبيعته، ومن هذين (الاطمئنان والمساواة) يكون هدوء الحياة بهدوء النفسين اللتين هما السلب والإيجاب
في هذا الاجتماع الإنساني، وإذا أنت نزعت هذه الفكرة من الاشتراكية بقي هذا المذهب كله عبثاً من العبث في
محاولة جعل التاريخ الإنسانيّ تاريخاً لا طبيعة له.

من ق
واعد النفس أن الرحمة تنشأ عن الألم، وهذا بعض السرّ الاجتماعي العظيم في الصوم، إذ يبالغ أشد المبالغة،
ويدقق كل التدقيق، في منع الغذاء وشبه الغذاء عن البطن وحواشيه مدة آخرها آخر الطاقة، فهذه طريقة عملية
لتربية الرحمة في النفس، ولا طريقة غيرها إلا النكبات والكوارث، فهما طريقتان، كما ترى، مبصرة وعمياء،
وخاصة وعامة، وعلى نظام وعلى فجأة.

ومتى تحققت رحمة الجائع الغنيّ للجائع الفقير أصبح للكلمة الإنسانية الداخلية سلطانها النافذ، وحكم الوازع
النفسيّ على المادة، فيسمع الغني في ضميره صوت الفقير يقول "أعطني" ثم لا يسمع منه طلباً من الرجاء، بل
طلباً من الأمر لا مفر من تلبيته والاستجابة لمعانيه، كما يواسي المبتلى من كان في مثل بلائه.

أية معجزة إصلاحية أعجب من هذه المعجزة الإسلامية التي تقضي أن يحذف من الإنسانية كلها تاريخ البطن
ثلاثين يوماً في كل سنة، ليحل في محله تاريخ النفس، وأنا مستيقن أن هناك نسبة رياضية هي الحكمة في جعل
هذا الصوم شهراً كاملاً من كل اثني عشر شهراً، وأن هذه النسبة متحققة في أعمال النفس للجسم، وأعمال
الجسم للنفس، كأنه الشهر الصحيّ الذي يفرضه الطب في كل سنة للراحة والاستجمام وتغيير المعيشة، لإحداث
الترميم العصبيّ في الجسم، ولعلّ ذلك آت من العلاقة بين دورة الدم في الجسم الإنسانيّ وبين القمر منذ يكون
هلالاَ إلى أن يدخل في المحاق، إذ تنتفخ العروق وتربو في النص الأول من الشهر، كأنها في (مدّ) من نور القمر
ما دام هذا النور إلى زيادة، ثم يراجعها (الجزر) في النصف الثاني حتى لكأن للدم إضاءة وظلاماً، وإذا ثبت أن
للقمر أثراً في الأمراض العصبية وفي مدّ الدم وجزره فهذا من أعجب الحكمة في أن يكون الصوم شهراً قمرياً
دون غيره.
وفي ترائي الهلال ووجوب الصوم لرؤيته معنى دقيق آخر، وهو –مع إثبات رؤية الهلال وإعلانها- إثبات الإرادة
وإعلانها، كأنما انبعث أول الشعاع السماويّ في التنبه الإنساني العام لفروض الرحمة والإنسانية والبر.

وهنا حكمة كبيرة من حكم الصوم، وهو عمله في تربية الإرادة وتقويتها بهذا الأسلوب العملي الذي يدرّب الصائم
على أن يتمنع باختياره من شهواته ولذة حيوانيته ويبقيه مصراً على الامتناع، متهيئاً له بعزيمته، صابراً عليه
بأخلاق الصبر، مزاولاً في كل ذلك أفضل طريقة نفسية لاكتساب الفكرة الثابتة، ترسخ لا تتغير ولا تتحول، ولا
تعدو عليها عوادي الغريزة.

وإدراك هذه القوة من الإرادة العملية منزلة اجتماعية سامية، هي في الإنسانية فوق منزلة الذكاء والعلم، ففي
هذين تعرض الفكرة مارة مرورها ولكنها في الإرادة تعرض لتستقر وتتحقق، فانظر في أي قانون من القوانين
وفي أي أمة من الأمم، تجد ثلاثين يوماً من كل سنة قد فرضت فرضاً لتربية الشعب ومزاولته فكرة نفسية واحدة
بخصائصها وملابساتها حتى تستقر وترسخ وتعود جزءاً من عمل الإنسان، لا خيالاً يمرّ برأسه مرّاً.

أليست هذه هي إتاحة الفرصة العملية التي جعلوها أساساً في تكوين الإرادة؟ وهل تبلغ الإرادة فيما تبلغ أعلى
من منزلتها حين تجعل شهوات المرء مذعنة لفكرة، منقادة للوازع النفسيّ فيه، مصرّفة بالحسّ الديني المسيطر
على النفس ومشاعرها؟

أما والله لو عمَّ هذا الصوم الإسلامي أهل الأرض جميعاً، لآل معناه أن يكون إجماعاً من الإنسانية كلها على
إعلان الثورة شهراً كاملاً في السنة لتطهير العالم من رذائله وفساده، ومحق الأثرة والبخل فيه، وطرح المسألة
النفسية ليتدارسها أهل الأرض دراسة عملية مدة هذا الشهر بطوله، فيهبط كل رجل وكل امرأة إلى أعماق نفسه
ومكامنها، ليختبر في مصنع فكره معنى الحاجة ومعنى الفقر، وليفهم في طبيعة جسمه –لا في الكتب- معاني
الصبر والثبات والإرادة وليبلغ من ذلك وذلك درجات الإنسانية والمواساة والإحسان، فيحقق بهذه وتلك معاني
الإخاء والحرية والمساواة.

شهر هو أيام قلبية في الزمن، متى أشرفت على الدنيا قال الزمن لأهله: هذه أيام من أنفسكم لا من أيامي، ومن
طبيعتكم لا من طبيعتي، فيقبل العالم كله على حالة نفسية بالغة السموّ، يتعهد فيها النفس برياضتها على معالي
الأمور ومكارم الأخلاق، ويفهم الحياة على وجه آخر غير وجهها الكالح، ويراها كأنما أجيعت من طعامها
اليومي كما جاع هو، وكأنما أفرغت من خسائسها وشهواتها كما فرغ هو، وكأنما ألزمت معاني التقوى كما
ألزمها هو، وما أجمل وأبدع أن تظهر الحياة في العالم كله –ولو يوماً واحداً- حاملة في يدها السبحة! فكيف بها
على ذلك شهراً من كل سنة؟

إنها والله طريقة عملية لرسوخ فكرة الخير والحق في النفس، وتطهر الاجتماع من خسائس العقل الماديّ، وردّ
هذه الطبيعة الحيوانية المحكومة في ظاهرها بالقوانين والمحررة من القوانين في باطنها –إلى قانون من باطنها

نفسه- يطهر مشاعرها، ويسمو بإحساسها، ويصرفها إلى معاني إنسانيتها، ويهذب من زياداتها ويحذف كثيراً
من فضولها، حتى يرجع بها إلى نحو من براءة الطفولة، فيجعلها صافية مشرقة بما يجتذب إليها من معاني
الخير والصفاء والإشراق، إذ كان من عمل الفكرة الثابتة في النفس أن تدعو إليها ما يلائمها ويتصل بطبيعتها
من الفِكر الأخرى، والنفس في هذا الشهر محتسبة في فكرة الخير وحدها، فهي تبني بناءها من ذلك ما
استطاعت.

هذا على الحقيقة ليس شهراً من الأشهر، بل هو فصل نفساني كفصول الطبيعة في دورانها، ولهو والله أشبه
بفصل الشتاء في حلوله على الدنيا بالجو الذي من طبيعته السحب والغيث، ومن عمله إمداد الحياة بوسائل لها
ما بعدها إلى آخر السنة، ومن رياضته أن يكسبها الصلابة والانكماش والخفة، ومن غايته إعداد الطبيعة للتفتح
عن جمال باطنها في الربيع الذي يتلوه.
وعجيب جد
اً أمر هذا الشهر الذي يدّخر فيه الجسم من قواه المعنوية فيودعها مصرف روحانيته، ليجد منها عند الشدائد مدد
الصبر والثبات والعزم والجلد والخشونة. عجيب جداً أن هذا الشهر الاقتصادي هو من أيام السنة كفائدة 8.3%
فكأنه يسجّل في أعصاب المؤمن حساب قوته وربحه فله في كل سنة زيادة 8.3 من قوته المعنوية الروحانية.

وسحر العظائم في هذه الدنيا إنما يكون في الأمة التي تعرف كيف تدّخر هذه القوة وتوفرها، لتستمدها عند
الحاجة، وذلك هو سرّ أسلافنا الأولين الذين كانوا يجدون على الفقر في دمائهم وأعصابهم ما تجد الجيوش
العظمى اليوم في مخازن الأسلحة والعتاد والذخيرة.
كل ما ذ
كرته في هذا البحث من فلسفة الصوم فإنما استخرجته من هذه الآية الكريمة (كُتب عليكم الصيام كما كُتب على
الذين من قبلكم لعلكم تتقون) وقد فهمها العلماء جميعاً على أنها من معنى "التقوى" أما أنا فأولتها من
"الاتّقاء" فبالصوم يتّقي المرء على نفسه أن يكون كالحيوان الذي شريعته معدته، وألاّ يعامل الدنيا إلا بمواد
هذه الشريعة، ويتّقي المجتمع على إنسانيته وطبيعته مثل ذلك، فلا يكون إنسان مع إنسان كحمار مع إنسان:
يبيعه القوة كلها بالقليل من العلف.

وبالصوم يتّقي هذا وهذا ما بين يديه وما خلفه، فإنما ما بين يديه هو الحاضر من طباعه وأخلاقه، وما خلفَه هو
الجيل الذي سيرث من هذه الطباع والأخلاق فيعمل بنفسه في الحاضر، ويعمل بالحاضر في الآتي.

وكل ما شرحناه فهو اتّقاء ضرر لجلب منفعة، واتّقاء رذيلة لجلب فضيلة وبهذا التأويل تتجه الآية الكريمة جهة
فلسفية عالية، لا يأتي البيان ولا العلم ولا الفلسفة بأوجز ولا أكمل من لفظها، ويتوجه الصيام على أنه شريعة
اجتماعية إنسانية عامة، يتّقي بها المجتمع شرور نفسه، ولن يتهذب العالم إلا إذا كان له مع القوانين النافذة
هذا القانون العام الذي اسمه الصوم، ومعناه: "قانون البطن".

ألا ما أعظمك يا شهر رمضان! لو عرفك العالم حق معرفتك لسمّاك "مدرسة الثلاثين يوم
اً
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طيور الجنة

هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Default6
طيور الجنة


العمر العمر : 28
رقم العضوية رقم العضوية : 10079
عدد المشاركات عدد المشاركات : 5097
نقاط النشاط نقاط النشاط : 12346
التقييم التقييم : 315
الجنس الجنس : انثى
من من : مصر
وسام البحيرة وسام البحيرة : هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث 0e27fb10
هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث 6syvc410

هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث   هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Icon_minitime16/12/2009, 11:14 am

هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Icon_sunny أعرابي في حمام هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Icon_sunny
]صحبنا في رحلتنا إلى الحجاز، دليل شيخ من أعراب نجد يقال له صلَبى ما رأيت أعرابياً مثله قوةَ جَنَان، وفصاحة لسان، وشدة بيان ولولا مكان النبرة البدوية لحسبته قد انصرف الساعة من سوق عكاظ، لبيان لهجته، وقوة عارضته، وكثرة ما يدور على لسانه من فصيح الكلام. وكان أبيّ النفس، أشمّ المعطس، كريم الطباع، لكن فيه لوثة وجفاء من جفاء الأعراب، رافقنا أيام طويلة، فما شئنا خلة من خلال الخير إلا وجدناها فيه، فكان يواسينا إذا أصبنا، ويؤثرنا إذا أَضَقنا، ويدفع عنا إذا هوجمنا، ويفديّنا إذا تألمنا، على شجاعة نادرة، ونكتة حاضرة، وخفة روح، وسرعة جواب، قلنا له مرة:
- إن (صْلَبة) في عرب اليوم، كباهلة في عرب الأمس، قبيلة لئيمة يأنف الكرام من الانتساب إليها، وأنت فيما علمنا سيّد كريم من سادة كرام، وليس لك في هذه القبيلة نسب؟ فما لك تدعى صلبى. فضحك وقال:
- صدقتم والله، ما أنا من صلبة، ولا صلبة مني، وإني لكريم العم والخال ولكنّ هذا الاسم نكتة أنا مخبركم بها.
قلنا: هات. قال:
- كان أبواي لا يعيش لهما ولد، فلما ولدت خشيا عليّ فسمياني صْلَبى. قلنا: ائن سمياك صْلَبى عشت؟ قال:
إن عزرائيل أكرم من أن يقبض روح صْلَبى.
وسألناه مرة: هل أنت متزوج يا صْلَبى؟ قال:
- لقد كنت متزوجاً بشرّ امرأة تزوجها رجل، فما زلت أحسن إليها وتسيء إليّ، حتى ضقت باحتمالها ذرعاً فطلقتها ثلاثاً وثلاثين.
قلنا: إنها تبين منك بثلاث، فعلام الثلاثون؟
فقال على الفور: صدقة مني على الأزواج المساكين!
وطال بنا الطريق إلى تبوك، وملّ القوم، فجعلوا يسألونه عن تبوك، ويكثرون عليه، يتذمرون من بعدها، حتى إذا كثروا قال لهم:
ما لكم تلومونني على بعدها؟ والله لم أكن أنا الذي وضعها هناك. ولم يكن صْلَبي يعرف المدن، ولم يفارق الصحراء قط إلا إلى حاضرته تبوك (وتبوك لا تزيد عن خمسين بيتاً...) فلما بلغنا مشارف الشام أغريناه بالإبلاد ودخول المدينة، وجعلنا نصف إليه الشام، ونشوّقه فيأبى، وكنت صفّيه من القوم وخليله ونجيّه فجعلت أحاولره وأداوره، وبذلت في ذلك الجهد فلم أصنع معه شيئاً لما استقر في نفسه من كراهية المدن وإساءة الظن بأهلها، وكان عربياً حراً، ومسلماً موحداً، لا يطيق أن يعيش يوماً تحت حكم (الروم) أو يرى مرة مظاهر الشرك...
فودعناه وتركناه...
* * *
وعدت إلى دمشق، فانغمست في الحياة، وغصت في حمايتها أكدّ للعيش، وأسعى للكسب، فنسيت صلَبى وصُحبته، وكدت أنسى الصحراء وأيامها، ومرّت على ذلك شهور... وكان أمس فإذا بي ألمح في باب الجابية وسط الزحمة الهائلة، وجهاً أعرفه فلحقت به أتبيّنه فإذا هو وجه صْلَبى، فصحت به:
- صْلَبى! قال: - لا صْلَبى ولا مْلَبى.
قلت: ولم ويحك؟ قال: أنا في طلبك منذ ثلاث ثم لا تأتي إليّ ولا تلقاني؟
فقلت له ضاحكاً: - وأي ثلاث وأي أربع؟ أتحسبها تبوك فيها أربعمائة نسمة؟ إنها دمشق يا صْلَبي، فيها أربعمائة ألف إنسان، فأين تلقاني بين أربعمائة ألف؟
قال: - صدقت والله.
قلت: هلم معي. فاستخرجته من هذه الزحمة الهائلة، وملت به إلى قهوة خالية، فجلسنا بها ودعوت له بالقهوة المرة والشاهي، فسرّ، وانطلق يحدثني قال:
- لمّا فارقتكم ورجعت وحيداً، أسير بجملي في هذه البادية الواسعة، جعلت نفسي تحدثني أن لو أجبت القوم ورأيت المدينة... فلما كان رمضان مرّ بنا بعض الحضريين فدعوني إلى صحبتهم لأرشدهم الطريق، ثم أغروني كما أغريتموني، وحاوروني كما حاورتموني حتى غلبوني على أمري ودخلوا بي دمشق، فما راعني والله يا ابن أخي إلا سيارة كبيرة كسيارتكم هذه، لكنها أهول وأضخم، لها نوافذ وفيها غرف، وقد خطوا لها خطين من حديد فهي تمشي عليهما، فأدخلوني إليها، فخشيت والله وأبيت، فأقسموا لي وطمأنوني، فدخلت ويدي على خنجري إن رأيت من أحد شيئا أكره وجأته به، وعيني على النافذة إن رابني من السيارة أمر قفزت إلى الطريق، وجلست، فما راعنا إلا رجل بثياب عجيبة قد انشق إزاره شقاً منكراً، ثم التف على فخذيه فبدا كأنما هو بسراويل من غير إزار، وعمد إلى ردائه فصف في صدره مرايا صغيره من النحاس، ما رأيت أعجب منها، فعلمت أنه مجنون وخفت أن يؤذينا، فوضعت كفي على قبضة الخنجر، فابتسم صاحبي وقال: هو الجابي. قلت: جابي ماذا، جبّ الله (...)!
قال: اسكت، إنه جابي (الترام) أعني هذه السيارة.
ثم مدّ يده بقرشين اثنين، أعطاه بها فتاتة ورق، فما رأيت والله صفقة أخسر منها، وعجبت من بلاهة هذا الرجل إذ يشتري بقرشين ورقتين لا تنفعان وجلست لا أنبس، فلم تكن إلا هنَيّة حتى جاء رجل كالأول له هيئة قِزْدية ألا أنه أجمل ثياباً، وأحسن بزّة، فأخذ هذه الأوراق فمزقها، فثارت ثائرتي، قلت: هذا والله الذل، فقّبح الله من يقيم على الذل والخسيفة، وقمت إليه فلبّبته وقلت له:
- يا اين الصانعة، أتعمد إلى شيء اشتريناه بأموالنا، ودفعنا به قروشنا فتمزقه، لأمزّقن عمرك.
وحسبت صاحبي سيدركه من الغصب لكرامته، والدفاع عن حقه مثل ما أدركني فإذا هو يضحك، ويضحك الناس ويعجبون من فعلي، لأن عمل هذا الرجل -فيما زعموا- تمزيق أوراق الناس التي اشتروها بأموالهم...
ولما نزلنا من هذه الآفة، قال لي صاحبي: هلّم إلى الحمام. فقلت: وما الحمام يا ابن أخي؟
قال: تغتسل وتلقي عنك وعثاء السفر.
قلت: إن كان هذا هو الحمام، فما لي فيه من مأرب، حسبي هذا النهر أغطس فيه فأغتسل وأتنظف.
قال: هيهات... إن الحمام لا يعدله شيء، أو ما سمعت أن الحمام نعيم الدنيا؟
قلت: لا والله ما سمعت. قال: إذن فاسمع ورَهْ.
وأخذني فأدخلني داراً قوراء في وسطها بركة عليها نوافير يتدفق منها الماء، فيذهب صعداً كأنه عمود من البلور ثم يتثنى ويتكسر ويهبط كأنه الألماس، له بريق يخطف الأبصار، صنعة ما حسبت أن يكون مثلها إلا في الجنان، وعلى أطراف الدار دكك كثيرة، مفروشة بالأسرة والمتكآت والزرابيّ كأنها خباء الأمير، فلم نكد نتوسطها حتى وقثب إلينا أهلوها وثبة رجل واحد، يصيحون علينا صياحاً غريباً، فأدركت أنها مكيدة مدبرة، وأنهم يريدون اغتيالي، فانتضيت خنجري وقلت: والله لا يدنو مني أحد إلا قطعت رقبته، فأحجموا وعجبوا ورعبوا، وغضب صاحبي وظنني أمزح، ومال عليّ يعاتبني عتاباً شديداً. فقلت له: ويحك أو ما تراهم قد أحاطوا بنا؟ قال:
إنهم يرحبون بنا ويسلمون علينا. فسكت ودخلت. وعادوا إلى حركتهم يضحكون من هذا المزاح، ويدورون حولنا بقباقيبهم العالية، ويجيئون ويذهبون، وأنا لا أدري ما هم صانعون حتى قادونا إلى دكة من هذه الدكك، وجاءوا ينزعون ثيابنا فتحققت أنها المكيدة، وأنهم سيسلبونني خنجري حتى يهون عليهم قتلي، فقد عجزوا أن يقاتلوني وبيدي الخنجر، فأبيت وهممت بالخروج ولكن صاحبي ألحّ عليّ وأقسم لي، فأجبت واستسلمت وإن روحي لتزهق حزناً على إني ذللت هذا الذل حتى أسلمتهم سَلَبي يسلبونني وأنا حي. ولو كنت في البادية لأريتهم كيف يكون القتال... حتى إذا تمّ أمر الله ولم يبق عليّ شيء، قلت: أما من مسلم؟ أما من عربي؟ أتكشف العورات في هذا البلد فلا يغار أحد، ولا يغضب إنسان؟
فهدّأ صاحبي من ثورتي وقال: أفتغتسل وأنت متزر؟ قلت: فكيف أتكشف بعد هذه الشيبة وتذهب عني في العرب فتكون فضيحتي إلى الأبد؟
قال: من أنبأك أنك ستتكشف؟ هلا انتظرت!
فانتظرت وسكت فإذا غلام من أغلمة الحمام، يأخذ بيده إزاراً فيحجبني به حتى أنزع أزراري وأتزرّ به، فحمدت الله على النجاة، وكان صاحبي قد تعرى فأخذ بيدي وأدخلني إلى باطن الحمام، فإذا غرف وسطها غرف، وساحات تفضي إلى ساحات، ومداخل ومخارج ملتفّة متلوية، يضّل فيها الخرّيت وهي مظلمة كأنها قبر قد انعقدت فوقها قباب وعقود، فيها قوارير من زجاج تضيء كأنها النجوم اللوامع، في السماء الداجية، وفي باطن الحمام أناس عري جالسون إلى قدور من الصخر فيها ماء، فتعوذت بالله من الشيطان الرجيم، وقلت هذه والله دار الشياطين وجعلت ألتمس آية الكرسي فلا أذكر منها شيئاً، فأيقنت أنها ستركبني الشياطين لما نسيت من آية الكرسي، وجعلت أبكي على شيبتي أن يختم لها هذه الخاتمة السيئة، وإني لكذلك، وإذا بالخبيث يعود إليّ يريد أن ينزع هذا الإزار الذي كسانيه، فصحت به: يا رجل، اتق الله، سلبتني ثيابي وسلاحي، وعدت تجردني وتعريني، الرحمة يا مسلمون، الشفقة أيها الناس! فوثب إليّ الناس، وأحدقوا بي، وجعلوا يضحكون، فقال صاحبي:
- ما هذا يا صْلَبى، لا تضحك الناس علينا، أعطه الإزار. قلت: وأبقى عرياناً؟ قال: لا، ستأخذ غيره، هذا كساء يفسد إذا مسه الماء، وإن للماء كساء آخر.
ونظرت فإذا عليه هيئة الناصح، وإذا هو يدفع إليّ إزاراً آخر، فاستبدلته به مكرهاً وتبعت صاحبي إلى مقصورة من هذه المقاصير، فجلسنا علا قدر من هذه القدور... وأنا أستجير بالله لا أدري ماذا يجري عليّ، فبينما أنا كذلك وإذا برجل عار، كأنه قفص عظام، له لحية كثة، وشكل مخيف وقد تأبط ليفاً غليظاً يا شرّ ما تأبط، وحمل ماعوناً كبيراً، يفور فوراناً، فاسترجعت وعلمت أنه السمّ وأنه سيتناثر منه لحمي، فقصد إليّ، فجعلت أفرّ منه وأتوثب من جانب إلى جانب وهو يلحقني ويعجب من فعلي، ويظن أني أداعبه، وصاحبي يضحك ويقسم لي أنه الصابون، وأنه لا ينظف شيء مثله.
قلت: ألا شيء من سدر! ألا قليل من أشنان؟
قال: والله ما أغشك، فجرب هذا إنه خير منه.
فاستجبت واستكنت، وأقبل الرجل يدلكني دلكاً شديداً وأنا أنظر هل تساقط لحمي، هل تناثر جلدي، فلا أجد إلا خيراً فأزمعت شكره لولا أني وجدته يتغفلني فيمد يده تحت الإزار إلى فخذي، فيدلكه ويقرصه، فقلت هذا ماجن خبيث، ولو ترك من شره أحد لتركني، ولصرفته عني شيبتي، وهممت بهشم أنفه وهتم أسنانه، ولحظ ذلك صاحبي فهمس في أذني أنه ينظفك وكذلك يصنع مع الناس كلهم، فلما انتهى وصب عليّ الماء، شعرت والله كأنما نشطت من عقال، وأحسست الزهو والخفة، فصحت فأنكرت صوتي فقلت: ما هذا، أينطق لساني مغنٍ من الجن؟ وأعدت الصيحة فازددت لصوتي إنكاراً. واستخفني الطرب، فجعلت أغني وأحدو، فقال صاحبي: لعلك استطبت صوتك؟
قلت: أي والله. قال: أفأدلك على باب القاضي؟
قلت: وما أصنع في باب القاضي؟ قال: ألا تعرف قصة جحا؟
قلت: لا والله، ما أعرف جحا ولا قصته.
قال: كان جحا عالماً نحريراً، وأستاذاً كبيراً، لكن كان فيه فضائل نادرة، وكان خفيف الروح، فدخل الحمام مرة فغنى فأعجبه صوته -وكان أقبح رجل صوتاً- وراقه حسنه، فخرج من فوره إلى القاضي، فسأله أن ينصبه مؤذناً وزعم أن له صوتاً لا يدخل أذناً إلاّ حمل صاحبها حملاً فوضعه في المسجد... فقال القاضي: اصعد المنارة فأذن نسمع.
فلما صعد فأذّن، لم يبق في المسجد رجل إلا فر هارباً. فقال له القاضي: أي صوت هذا، هذا الصوت الذي ذكره ربنا في الكتاب:
قال: أصلح الله القاضي، ما يمنعك أن تبني لي فوق المئذنة حماماً؟!..
* * *
ولمح الأعرابي صديقاً له من أعراب نجد، قد مرّ من أمام القهوة، فقطع عليّ الحديث وخرج
مهرولاً يلحق به.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طيور الجنة

هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Default6
طيور الجنة


العمر العمر : 28
رقم العضوية رقم العضوية : 10079
عدد المشاركات عدد المشاركات : 5097
نقاط النشاط نقاط النشاط : 12346
التقييم التقييم : 315
الجنس الجنس : انثى
من من : مصر
وسام البحيرة وسام البحيرة : هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث 0e27fb10
هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث 6syvc410

هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث   هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Icon_minitime16/12/2009, 11:15 am

هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Icon_bounce الرأي والعقيدة هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Icon_bounce
[align=justify]فرق كبير بين أن ترى الرأي وأن تعتقدَه، إذا رأيت الرأي فقد أدخلته في دائرة معلوماتك، وإذا اعتقدته جرى في دمك، وسرى في مخ عظامك، وتغلغل إلى أعماق قلبك.

ذو الرأي فيلسوف، يقول إني أرى الرأي صوابًا وقد يكون في الواقع باطلاً، وهذا ما قامت الأدلَّة عليه اليوم وقد تقوم الأدلَّة على عكسه غدًا، وقد أكون مخطئًا فيه وقد أكون مصيبًا، أما ذو العقيدة فجازم باتٌّ لا شك عنده ولا ظن، عقيدته هي الحق لا محالة، هي الحق اليوم وهي الحق غدًا، خرجَتْ عن أن تكون مجالاً للدليل، وسَمَتْ عن معترك الشكوك والظنون.

ذو الرأي فاتر أو بارد، إن تحقق ما رأى ابتسم ابتسامة هادئة رزينة، وإن لم يتحقق ما رأى فلا بأس، فقد احترز من قبل بأنّ رأيه صواب يحتمل الخطأ، ورأْيَ غيره خطأ يحتمل الصواب، وذو العقيدة حار متحمّس لا يهدأ إلا إذا حقق عقيدته. وهو حرج الصدر، لهيف القلب، تتناجى في صدره الهموم، أرَّق جفنه وأطال ليله تفكيره في عقديته، كيف يعمل لها، ويدعو إليها، وهو طلق المحيا مُشْرِق الجبين، إذا أدرك غايته، أو قارب بغيته.

ذو الرأي سهل أن يتحول ويتحور، هو عبد الدليل، أو عبد المصلحة تظهر في شكل دليل، أما ذو العقيدة فخير مظهر له ما قاله رسول الله: " لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أدع هذا الذي جئت به ما تركته"، وكما يتجلى في دعاء عمر: "اللهم إيمانًا كإيمان العجائز".

لقد رووا عن "سقراط" أنه قال: "إن الفضيلة هي المعرفة"، وناقشوه في رأيه، وأبانوا خطأه، واستدلوا بأن العلم قد يكون في ناحية والعمل في ناحية؛ وكثيرًا ما رأينا أعرف الناس بمضار الخمر شاربَها، وبمضار القمار لاعبَه، ولكن لو قال سقراط إن الفضيلة هي العقيدة، لم أعرف وجهًا للرد عليه، فالعقيدة تستتبع العمل على وَفْقها لا محالة - قد ترى أن الكرم فضيلة ثم تبخل، والشجاعة خيرًا ثم تجبن، ولكن محال أن تؤمن بالشجاعة والكرم، ثم تجبن أو تبخل.

العقيدة حق مشاع بين الناس على السواء، تجدها في السُّذَّج، وفي الأوساط؛ وفي الفلاسفة - أما الرأي فليس إلا للخاصة الذين يعرفون الدليل وأنواعه، والقياس وأشكاله؛ والناس يسيرون في الحياة بعقيدتهم، أكثر مما يسيرون بآرائهم، والمؤمن يرى بعقيدته ما لا يرى الباحثُ برأيه، قد مُنح المؤمن من الحواس الباطنة والذوق ما قصر عن إدراكه القياس والدليل.

لقد ضلَّ من طلب الإيمان بعلم الكلام وحججه وبراهينه، فنتيجة ذلك كله عواصف في الدماغ أقصى غايتها أن تنتج رأيًا؛ أما الإيمان والعقيدة فموطنهما القلب، ووسائلهما مدّ خيوط بين الأشجار والأزهار والبحار والأنهار وبين قلب الإنسان؛ ومن أجل هذا كانت " أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلِقَتْ وإلى السماء كيف رُفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سُطِحَتْ " أفْعل في الإيمان من قولهم:" العالم متغيّر وكل متغيّر حادث "؛ فالأول عقيدة والثاني رأي.

الناس إنما يخضعون لذي العقيدة، وليس ذوو الرأي إلا ثرثارين، عُنوا بظواهر الحجج أكثر مما عنوا بالواقع، لا يزالون يتجادلون في آرائهم حتى يأتي ذو العقيدة فيكتسحهم.

قد يجود الرأي، وقد ينفع، وقد ينير الظلام، وقد يُظهر الصواب، ولكن لا قيمة لذلك كله ما لم تدعمه العقيدة، وقَلَّ أن تُؤتَى أمَّة من نقص في الرأي، ولكن أكثر ما تُؤْتَى من ضعف في العقيدة، بل قد تؤتى من قِبَل كثرة الآراء أكثر مما تؤتى من قلّتها.

الرأي جثة هامدة، لا حياة لها ما لم تنفخ فيها العقيدة من روحها، والرأي كهف مظلم لا ينير حتى تلقي عليه العقيدة من أشعتها، والرأي مستنقَع راكد يبيض فوقه البعوض، والعقيدة بحر زاخر لا يسمح للهوامّ الوضيعة أن تتولد على سطحه، والرأي سديم يتكوّن، والعقيدة نجم يتألق.

ذو الرأي يخضع للظالم وللقوي، لأنه يرى أن للظالم والقوي رأيًا كرأيه، ولكنّ ذا العقيدة يأبى الضيم ويمقت الظلم، لأنه يؤمن أن ما يعتقده من عدل وإباء هو الحق، ولا حق غيره.

من العقيدة ينبثق نور باطني يضيء جوانب النفس، ويبعث فيها القوة والحياة، يستعذب صاحبها العذاب، ويستصغر العظائم، ويستخف بالأهوال؛ وما المصلحون الصادقون في كل أمَّة إلا أصحاب العقائد فيها.

الرأي يخلق المصاعِب، ويضع العقبات، ويصغي لأماني الجسد، ويثير الشبهات ويبعث على التردد، والعقيدة تقتحم الأخطار، وتزلزل الجبال، وتلفت وجه الدهر، وتغير سير التاريخ، وتنسف الشك والتردد، وتبعث الحزم واليقين ولا تسمح إلا لمُرَاد الروح.

ليس ينقص الشرقَ لنهوضه رأي، ولكن تنقصه العقيدة، فلو منح الشرق عظماء يعتقدون ما يقولون لتغيّر وجهه وحال حاله، وأصبح شيئًا آخر.

وبعدُ، فهل حُرِم الإيمان مهبط الإيمان؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طيور الجنة

هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Default6
طيور الجنة


العمر العمر : 28
رقم العضوية رقم العضوية : 10079
عدد المشاركات عدد المشاركات : 5097
نقاط النشاط نقاط النشاط : 12346
التقييم التقييم : 315
الجنس الجنس : انثى
من من : مصر
وسام البحيرة وسام البحيرة : هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث 0e27fb10
هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث 6syvc410

هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Empty
مُساهمةموضوع: رد: هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث   هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث Icon_minitime16/12/2009, 11:16 am

الطفولة المعذبة


[align=justify]في الأقوال السائرة أن الفقير كلما طلب من الله قرشا أعطاه كرشا ، وفي ذلك حكمة للعليم الحكيم تستسر دلائلها على الفطن المحدودة ، فإن قوام العيش ونظام الدنيا منوطان بالسعي المرهق والعمل المهين ، وهذان لا يقوم بهما إلا الكثرة ، ولا يحفز عليهما غير الحاجة .
والغني المترف يحسب أن يديه لم تخلقا إلا لصرف النقود وقطف الخدود ورفع الكأس ، فمثله كمثل السبع من الوحش والطير : يهلك ولا ينتج ويدمر ولا يعمر .
فكان من صلاح الأرض أن يقل نسله كما يقل نسل الأسوج والنمور ، ويكثر نسل الفقير كما يكثر نسل الضأن والبقر . ولكن حكمة الله ضاعت في غفلة الناس ، فبغى الغني على الفقير حتى اصبح – وهو مصدر الإنتاج في النسل والحرث –مفدوحا بحمله فلا ينهض ، ومكدودا بعمله فلا يستطيع . ثم نبا كوخه الجديب الضيق عن بنيه فدرجوا في أفاريز الشوارع وزوايا الطرق وعليهم هلاهل من أخلاق الثياب تهتكت على الصدور والجوانب .يستندون الأكف بالسؤال أو يستدرون الجيوب بالسرقة ، أو يأكلون ما طرح الناس من فضلات الطعام في المزابل .
هؤلاء الأطفال المشردون هم الذين تراهم يطوفون طوال النهار وثلثي الليل على القهوات والحانات كما تطوف الكلاب والهررة على دكاكين الجزارة ومطاعم العامة وهمهم أن يصيبوا ما يسد الرمق ويمسك الحياة ، فإذا أغلقت القهوات وهجعت المدينة تساقطوا من السغوب واللغوب على العتبات وفي الحنايا وتحت الجدر ، فيقضون آخر الليل يتداخل بعضهم في بعض كما تتداخل خراف القطيع إذا عصفت الريح أو قرس البرد .
هؤلاء الأطفال المهملون هم الذين يستغل ذكاءهم تجار الرذيلة وسماسرة الجريمة ، يسلطونهم على القلوب البريئة والجيوب الآمنة ، فيسلبونها العفة والمال ، ثم لا يكون نصيبهم من هذه الثمار المحرمة إلا الخوف والجوع والأذى والمطاردة !!
يغرون الصبيان بالشر ، ويوزعون المخدر في السر ، ويسرقون السابلة بالحيلة ، ويستجدون الجلاس بالرحمة ويجمعون الأعقاب من الطرق ، وكل أولئك لطغمة من المتعطلين يتعقبونهم بعين النسر من بعيد ، حتى إذا أخذوا ما معهم تركوهم لأهوال الليل ، فإذا خشوا منهم نفارا أو فرارا كدسوهم في أقباء المنازل المهجورة ، فلا تدركهم عين الشرطة ولا تنالهم رعاية البر ، ولا أدري كيف سالت على قلمي كلمة البر هنا ، وهي لو كانت في لغة الناس لما كان كل هذا !!
إن سادتنا المترفون ليأنفون أن تقع أعينهم على هذا القبح ، وأن تدنو أثوابهم من هذا القذر ، فهم ينهرونهم كما ينهرون الكلاب ، ويذبونهم كما يذبون الذباب . ويفورون غضبا على الحكومة أن تسمح لهذه الحشرات أن تدب على الطرق المغسولة أو تحوم حول الموائد المزدانة !
شقَّ الله هذه الأشداق المنفوخة ياسادة ! إن هؤلاء الأطفال الذين يحملون العلب بالأصباغ ، أذكى من أطفالكم الذين يحملون القماطر بالكتب .
وإن عباقرة العالم في الأدب والفن والعلم والحكم قد ولدوا كهؤلاء في مهاد اليتم والعدم ، ونشأوا في حجور الألم والفاقة ، فاضطرهم الشقاء الباكر أن يعرفوا أن لهم أذهانا للتفكير وعقولا للتدبير ، وأيديا للعمل ففكروا ثم قدروا ثم عملوا ، فكان من اثرهم هذه الدنيا ، ومن سيرهم هذا التقدم ، أما أبناؤكم أبناء الدعة والسعة والرفاهة فانتفى عنهم العمل لقلة الحاجة ، وضعفت فيهم أداته لكثرة البطالة ، فأصبح المخ مستويا أملس كالصحيفة ، والجسم صقيلا أملط كالديباجة ، واليد رقيقة رفافة كالزنبقة . فهم تماثيل ناطقة للغباء الأنيق ، تطعم وتنعم وتلهو على حساب الفقير الذي يعمل ولا يأكل ، والأجير الذي يشقى ولا ينام .
يالله ماذنب هذا الطفل الشريد اللذي تتحامون مسه وتتفادون مرااه اذا كان القدر اختار له ذلك الاب البائس الذي يتزوج ولا يعاشر ثم يلد ولا يعول ! هل من طبيعة الحي ان يلقي افلاذ كبده مختارا في مدارج الطرق تطأها الاقدام وتتحيفها المكاره ؟ هل تستطيعون ان تجدوا لذلك اذا وقع علة غير الفقر الذي يحمل الاب في ازمات القحط والحرب على بيع بنيه واكل بناته؟. فاذا كنتم تشفقون على نعيم عيشكم من رؤية البؤس وتخشون على جمال حياتكم دمامة الفقر وتضنون بسلام وطنكم على ادواء التشرد فاقتحمو على الفقر مكامنه في اكواخ الأيامى واعشاش العجزه ثم قيدوه بالإحسان المنظم في المدارس والصدقة الجارية في الملاجئ تجدوا بعدئذ ان الدنيا جميله في كل عين وان الحياة بهيجة في كل قلب وتشعروا ان روحا عامة قد وصلت بين جميع الارواح فاصبح الشعب كله جسما حيا متالفا متكافلا تتغذى خلياته بدم واحد وتتساير نياته الى
غاية واحده.[/align
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
هنا تجد أجمل المقالات لأئمة الأدب الحديث
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أين المقالات الأدبية
» نكت قليلة الأدب
» مواضيع منتدى المقالات القسم الادبى منتديات بحيرة العالم world-lake
» مع هواة الأدب العالمى ورائعة شكسبير (عطيل)
» البخارى امير اهل الحديث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
WORLD LAKE | منتديات بحيرة العالم | افلام عربي | افلام اجنبي | افلام هندى | اغاني | العاب | mp3 ::  :: منتدى المقالات-
انتقل الى: