أسباب العملية
في مارس 1969 كان الفريق " عبد المنعم رياض " رئيس أركان الجيش المصرى فى ذلك الوقت يزور الجبهة ، ويمر بجنوده في الخطوط الأمامية وفي آخر المرور دخل إلي نادي الشاطئ الخاص بهيئة قناة السويس بالإسماعيلية وكان في مواجهة ذلك النادي في الضفة الشرقية موقع للعدو يسمى " لسان التمساح " ، وكان هذا الموقع دائما ما يوجه قذائف صاروخية وقذائف هاون علي مدينة الإسماعيلية أدت إلى تدمير عددا كبيرا من منازل المدينة بخلاف الضحايا من المدنيين.
شعر العدو من مظهر دخول الفريق إلي نادي الشاطئ ومن السيارات المصاحبة له أن هناك شخصيه مهمة ، وبكل الغدر أطلقوا قذائف الهاون والصواريخ ، وأصيب الفريق عبد المنعم رياض واستشهد بين ضباطه وجنوده وكان ذلك يوم 9/ 3 / 1969م
وصدرت التعليمات بالانتقام لمقتل الفريق عبد المنعم رياض وأسند ذلك الأمر للبطل إبراهيم الرفاعي .
الاستعداد للعملية
اختار إبراهيم الرفاعي عددا من ضباطه وكانوا هم ( محيي ، وسام , رجائي ، محسن ) ، وانطلق بهم إلي الإسماعيلية حيث مقر إرشاد هيئة القناة، في ذلك المبني المرتفع استطلع الرفاعي الموقع الذي أطلق قذائفه علي الشهيد عبد المنعم رياض ورسم تخطيطا له ، وكان الموقع مكونا من أربع دشم اثنتان في الأمام واثنتان في الخلف بينها أرض لتجميع الأفراد في طابور الصباح لإجراء الطوابير الرياضية وخلف تلك الدشم كانت مخازن الذخيرة الخاصة بالموقع ومخازن التعيينات والوقود .
وعاد الرفاعي وضباطه إلي القاهرة وطلب من كل منهم أن يختار مجموعة من الصف والجنود وأمرهم بتدريبهم .
وفي الوقت نفسه بنى سلاح المهندسين نموذجا مطايقا للموقع بناء على الرسم الكروكي الذى وضعه الرفاعي وانتقل الرفاعي بضباطه وبمجموعاتهم من الأفراد الي منطقة صحراوية بمصر تشبه الأرض التي ستتم العملية عليها وهناك امضوا ما يقرب من شهر في التدريب علي اقتحام المواقع حيث قسمهم الرفاعي الي أربع مجموعات وكانت كل مجموعة يقودها ضابط مكلف هو ومجموعته باقتحام إحدى الدشم الأربع.
وعندما تأكد الرفاعي أن كل فرد في المجموعات عرف دوره بالتحديد وتدرب عليه جيدا عاد برجاله الي القاهرة.
وفي 17/4/1969 غادر الرفاعي وقوته مرة آخري إلي الإسماعيلية، وكانت القوة مكونة من الضباط الأربعة إضافة الى ضابط استطلاع وأربعين فردا، وعسكر الجميع في مبني الإرشاد بالإسماعيلية المواجه لموقع لسان التمساح.
ليلة الهجوم
قام الشهيد إبراهيم الرفاعي وضباطه باستطلاع موقع العدو واطمأن علي أنه كما هو لم يتغير وبعد ذلك تناول الجميع طعام الغداء سويا ضباطا وأفرادا ثم اجتمع البطل الرفاعي بقادة المجموعات للتلقين النهائي .
وحينما حل الظلام أعطي إبراهيم الرفاعي أمره إلي المدفعية بقصف موقع العدو بالضفة الشرقية وكان تراشق المدفعية في هذا الوقت يعتبر شيئا عاديا ، وكان من الطبيعي أثناء قصف المدفعية أن يختبئ أفراد العدو داخل المخابئ وكان الهدف من التمهيد النيرانى للمدفعية أن يدخل أفراد الموقع الإسرائيلي وعناصر الاستطلاع داخل الدشم ولا يخرجوا منها طوال فترة القصف حتى لا يروا رجال إبراهيم الرفاعى أثناء العبور وبذلك يتحقق عنصر المفاجأة
وأثناء القصف عبر الرفاعي بمجموعته إلى الضفة الشرقية في اتجاه موقع لسان التمساح ، ووصلت الزوارق إلي الشاطئ الشرقي ، فأمر الرفاعي بإيقاف ضرب المدفعية علي الموقع وبعد إشارة من ضابط الاستطلاع اتجهت كل مجموعة بقائدها نحو الدشمة المكلفة بها.
شجاعة نادرة وانتقام جبار
وبدأ الأفراد يلقون القنابل اليدوية من فتحات التهوية بالدشم وقطع أسلاك التليفونات وقام الأفراد بحرق العربات الموجودة بالموقع وإسقاط العلم الإسرائيلي وتدمير المدافع، إلا أن كل ذلك لم يدفع أفراد العدو للخروج من الدشم فبدأت المجموعات تستخدم نوعا من القنابل الحارقة ترفع درجة حرارة المكان الذى تنفجر فيه إلى 300 درجة مئوية فقاموا بإلقائها داخل الدشم.
ولم يتحمل أفراد العدو فخرجوا من الدشم هاربين كالفئران لتحصدهم طلقات أفراد المجموعات وبذلك تمكنت المجموعة من القضاء علي الموقع بالكامل وكانت محصلة العملية قتل 26 فردا هم كل قوة الموقع.
وبعد الاستيلاء علي الموقع بالكامل تم نسف المخازن إضافة إلى نسف مدرعتين وقتل طاقمهما.نتيجة لغم تم زرعه بجوار الموقع قبل الانسحاب.
وكان آخر من انسحب هو البطل إبراهيم الرفاعي وكانت المحصلة النهائية لهذه العملية التى لم يخسر فيها إبراهيم الرفاعى أى من أفراد رجاله قتل 44 فردا إسرائيليا ما بين جندى وضابط ، تدمير الموقع بالكامل وتدمير كل الأسلحة والمعدات والمدافع والدبابات
وقد أطلق موشى ديان على إبراهيم الرفاعى ورجاله أشباح الليل
تكريم الزعيم جمال عبد الناصر
وفي صباح اليوم التالي توجه الزعيم جمال عبد الناصر لزيارة جرحي العملية وكان مهتما جدا بمعرفة نوعية الجندي الإسرائيلي عند مواجهته مع الجندي المصري ، وانصرف الرئيس وهو مطمئن تماما بعد أن عرف تفصيلات المواجهة وهروب الإسرائيليين مذعورين منهم
أهمية عملية لسان التمساح
لقد كانت عملية لسان التمساح المواجهة الحقيقية الأولى بين الجندي المصري والجندي الإسرائيلي منذ حرب 1948، وفي تلك المواجهة تم القضاء نهائيا علي أسطورة الجندي الإسرائيلي الذي لا يقهر واثبت رجال المجموعة 39 قتال أن الجندي الإسرائيلي من أجبن أجناد الأرض وبذلك يكون البطل الرفاعي قد تمكن من الأخذ بثأر الفريق عبد المنعم رياض
تمت بحمد الله