بقلم - د. عمرو الليثي:
ما استحق أن يولد من عاش لنفسه، فقط نحن نعيش في مجتمعات تنعم بكثير من الرفاهية وبحجم كبير جداً من الحرية.. المجتمع الإسلامي كله أمة واحدة، فالمسلمون مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى وهذا يدل على مدى التلاحم أيضاً ووحدة المشاعر ووحدة الأهداف الكبرى وقاسم الإنسان المشترك وقاسم الرحمة المشترك الذى وضعه الله في قلوب كل الناس وخصوصا المسلمين.. أعتقد أن بعد ثورة 25 يناير يجب أن تكون هناك رؤية جديدة.. ثروة مصر ليست، فقط، بترولاً وقناة السويس، ثروة مصر هي الإنسان صاحب العمق الحضاري الضارب في أعماق التاريخ الذى ظهر في 25 يناير في ميدان التحرير.. النظام القائم لابد أن يفتح قلبه ويفتح عقله، ولابد أن يفتح حضنه للآخرين، وعلى الآخرين أن يتخلوا عن مبدأ (يا فيها يا أخفيها)، إن مصر في حاجة إلى معارضة قوية لكنها يجب أن تكون معارضة شريفة ووطنية لأن هذا من صالح مصر.. فمصر بعد 25 يناير لن تكون كمصر قبل 25 يناير.
انتهت الوصاية على الشعب انتهت ولن يستطيع فصيل واحد، مهما كان، أن يسيطر على الشعب، المصري، ولن يستطيع أحد أن يدعى الوصاية على مصر.. علماء النفس يقولون إن أي سلوك خاطئ نابع عن فكرة خاطئة، فإن استطعنا أن نصلح الأفكار سنصلح السلوكيات، فذمة المجتمع يجب أن تكون واحدة لا يجوز أن تتناقض، فالمجتمع الذى يعيش بأكثر من ذمة ينهار، ولكى يتحقق ذلك لابد أن يكون هناك مشروع قومي تلتقى عنده كل الإرادات تلاقيا حرا، هذا المشروع يبدأ من تغيير الثقافة بالدرجة الأولى.. ثقافة النهب، ثقافة السلبية وعدم الإحساس بالملكية العامة هذه الثقافة يجب أن تنتهى، يجب أن يكون هناك شعور بالملكية العامة، لكل مرافق الدولة ويجب أن تلتحم الحكومة مع الشعب لأن الحكومة لا تستطيع في أي مجتمع من المجتمعات أن تقوم بكل الواجبات، ولذلك فمن ضمن تغيير الثقافة أن نبدأ بثقافة الواجب قبل الحديث عن الحقوق.. لابد أن نراجع أولوياتنا وسلوكياتنا وإنتاجنا، فجميع الأعمال تتحول إلى عمل من أعمال العبادة.. لذلك نركز على ثقافة الواجب قبل الحق، كلنا لنا حقوق ولكن ما الواجبات التي تقع علينا.. فالشباب معذور وعليه أن يتحلى بالصبر.
فمصر سوف تكون بخير، فيوجد أمل كبير في ذلك رغم كل المحبطات التي نمر بها وذلك الأمل لأن الإنسان المصري لديه فطرة نقية، فالأمور اختلفت بعد 25 يناير، وظهرت فيها مصر بأنها توحى إليك بأنها في غيبوبة وأن السطح ساكن، ولكن فجأة نجد الأعماق تحركت والعواصف بدأت وهذا ما حدث في 25 يناير.. فعلينا جميعا أن نقوم بواجباتنا ونتجرد ونتحلى بوطنيتنا، ونعارض معارضة قوية بشرط أن تكون شريفة ووطنية.. نحن علينا أن نستعيد ذاتنا فعندما نستعيدها سوف نبدع وننتج وستنتهى ثقافة النهب وثقافة الكيد السياسي.. فهذه مرحلة يجب أن تنتهى ونبدأ صفحة جديدة تلتقى فيها القلوب وتتعانق الأيدي، وقرب الأنفاس يصنع وحدة وجدانية.