إهــداء
- إلى من قلبه مكلوم، وفؤاده حزين، أكلته الهموم، ودق عظمه الفقر، فأصبح مشتت الأفكار.
- إلى من ضل عن الطريق المستقيم، وتاه في متاهات الضالين ونسي يوم الدين.
- إلى العلماء والصالحين من آمن بالله ربًا، وبالنبي محمد رسولاً، وبالإسلام دينًا.
- إلى من أغلقت دونه الأبواب، ومنعه الحجاب هذا باب لم يغلق باب الكريم الوهاب.
- إلى كل عقيم، وإلى كل مريض، وإلى من ابتلي بمصائب الدنيا. أن يدعو الله – تعالى -.
- أهديه لجميع الناس؛ رجاء أن يكون تجربة نافعة وبلسمًا ودواءً صالحًا فقد دلنا عليه الكتاب والسُّنَّة.
* * *
مقـدمة
الحمد لله سامع الدعوات، غافر الزلات، مقبل العثرات رب الأرض والسماوات، والصلاة والسلام على من كانت قرة عينه في الصلاة، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى الممات، وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:
فهذه رسالة النية فيها أن تكون جمعًا لقصص حصلت لأناس دعوا الله – تعالى – فاستجاب لهم دعواتهم، جمعتها من بعض الكتب؛ لكي تكون حافزًا للمسلم ليكثر من دعاء الله – جل وعلا – ثم أحببت أن أصدر هذه القصص بأمور تتعلق بالدعاء؛ كي يعمل بها الداعي علها توافق بابًا من السماء مفتوحًا، فيستجاب له وهي من الكتاب والسُّنَّة الواردة عن النبي وجعلتها مرتبة كما يلي:
أولاً: فضائل الدعاء، ويشمل الفضائل من القرآن والسُّنَّة.
ثانيًا: شروط الدعاء، ولم آت بها جميعها بل بأهمها.
ثالثًا: موانع إجابة الدعاء، وقد أتيت بها جملة دون تفصيل.
رابعًا: أخطاء يقع فيها بعض الداعين في الدعاء، واخترت ما هو منتشر عند بعض الناس.
خامسًا: آداب الدعاء، وقد أطلت الكلام حولها، لأنها من أهم المهمات في الدعاء.
سادسًا: أوقات وأحوال وأوضاع ترجى إجابة الدعاء فيها وعندها. وهي كثيرة.
سابعًا: بعض الدعوات المستجابات التي وردت في السُّنَّة.
وينبغي أن أنبه على ما ذكرت من فضائل وشروط و... إلخ، فإني لم أرجع فيها إلى المصادر الأصلية، بل من مؤلفات حديثة في هذا الموضوع، وكذلك الأحاديث الواردة في بعض الفقرات؛ فخرجتها كما خرجها أصحاب الكتاب، دون أن أرجع إلى المصادر الأصلية.
ثامنًا: القصص، وقد بدأت ببعض دعاء الأنبياء، ثم دعاء الصحابة، ثم دعاء من بعدهم من التابعين وتابعيهم ... إلخ. وبعدها ما كان في الوقت الحاضر مما سمعته من قصص ( ).
ومن كان لديه مثل هذه القصص مما سمعه، أو حصل له، يمكنه أن يرسلها على عنواني؛ كي تخرج – بإذن الله – في الجزء الثاني.
وأخيرًا: أرجو من الله – تعالى – أن يجعل فيها فائدة لنا جميعًا وحافزًا على الدعاء.
وأن يجعلها ذخرًا لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.
أسأل الله التوفيق، والصلاح، والفوز في الدارين والفلاح. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ص. ب 25076
الرمز البريدي 51321
* * *
فضائل الدعاء
أولاً: من الكتاب الكريم:
قال – تعالى -: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة: 186].
وقال – جل اسمه -: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60]، وقال – سبحانه -: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: 55-56].
ثانيًا: من السنة النبوية:
1- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي قال: «ليس شيء أكرم على الله – تعالى - من الدعاء»( ).
2- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله : «من لم يسأل الله يغضب عليه»( ).
3- وعن أبي سعيد – رضي الله عنه – أن النبي قال: «ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها» قالوا: إذا نكثر. قال: «الله أكثر»( ).
4- عن سلمان الفارسي – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله : «إن ربك – تبارك وتعالى – حيٌ كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا»( ).
5- عن ابن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي قال: «الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء»( ).
6- وعن سلمان – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله : «لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر»( ).
* * *
شروط الدعاء ( )
من أعظم وأهم شروط الدعاء ما يأتي:
الأول: الإخلاص: قال – تعالى -: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [غافر: 14].
الثاني: المتابعة لرسول الله قال تعالى: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف: 158].
الثالث: الثقة بالله واليقين بالإجابة، ومما يزيد ثقة المسلم بربه – تعالى – أن يعلم أن جميع خزائن الخيرات، والبركات عند الله – تعالى -.
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي قال: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة»( ).
الرابع: حضور القلب، والخشوع والرغبة فيما عند الله من الثواب والرهبة مما عنده من العقاب، قال – تعالى - إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء: 90].
الخامس: العزم والجزم، والجد في الدعاء، فعن أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله : «إذا دعا أحدكم فليعزم في الدعاء، ولا يقل اللهم إن شئت فأعطني؛ فإن الله لا مستكره له»( ).
* * *
موانع إجابة الدعاء
الأول: أكل الحرام وشربه ولبسه: كما ورد في الحديث: «الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب! ومطعمه حرامٌ، ومشربه حرامٌ وغُذي بالحرام فأني يستجاب لذلك» [رواه مسلم].
الثاني: الاستعجال وترك الدعاء: فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله قال: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول قد دعوت فلم يستجب لي» [رواه البخاري ومسلم].
الثالث: ارتكاب المعاصي والمحرمات: قال الشاعر:
نحن ندعو الإله في كل كرب
ثم ننساه عند كشف الكروب
كيف نرجو إجابة لدعاء
قد سددنا طريقها بالذنوب
الرابع: ترك الواجبات التي أمر الله بها وأوجبها: فعن حذيفة – رضي الله عنه – أن النبي قال: «والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أني يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم»( ).
الخامس: الدعاء بإثم أو قطيعة رحم: عن أبي سعيد – رضي الله عنه – أن النبي قال: «ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثمٌ، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها» قالوا: إذا نكثر قال: «الله أكثر»( ).
* * *
بعض الأخطاء التي تقع في الدعاء ( )
الأول: أن يشتمل على شيء من التوسلات الشركية، أو البدعية.
الثاني: الدعاء بما هو مستحيل، أو بما هو ممتنع عقلاً، أو عادةً أو شرعًا.
الثالث: أن يدعو على الأهل، والأموال والنفس.
الرابع: الدعاء بالإثم كأن يدعو على شخص أن يبتلى بالمعاصي.
الخامس: الدعاء بقطيعة الرحم.
السادس: الدعاء بانتشار المعاصي.
السابع: ترك الأدب في الدعاء.
الثامن: عدم الاهتمام باختيار أسماء الله، أو صفاته المناسبة عند الدعاء.
التاسع: اليأس أو قلة اليقين من إجابة الدعاء.
العاشر: دعاء الله بأسماء لم ترد في الكتاب والسنة.
الحادي عشر: المبالغة في رفع الصوت.
الثاني عشر: تصنع البكاء ورفع الصوت.
* * *
آداب الدعاء
1- أن يبدأ بحمد الله، ويصلي على النبي ، ويختم بذلك:
رأى رسول الله رجلاً يصلي فمجد الله وحمده، وصلى على النبي فقال رسول الله : «أيها المصلي أدع تجب وسل تعط»( ).
2- الدعاء في الرخاء والشدة: قال في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -: «من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب، فليكثر الدعاء في الرخاء»( ).
3- يخفض صوته بالدعاء بين المخافتة والجهر: قال – تعالى - ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف: 55].
4- أن يتضرع إلى الله في دعائه: قال – تعالى - فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام: 43].
5- أن يُلح على ربه – في الدعاء: فعن أنس – رضي الله عنه – يرفعه: «ألظوا بيا ذا – الجلال والإكرام -»( ).
6- يتوسل إلى ربه – تعالى – بأنواع الوسائل المشروعة: قال تعالى -: وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ [المائدة: 53]، ومعنى ابتغاء الوسيلة: أي تقربوا إليه بطاعته، والعمل بما يرضيه ( ).
7- الاعتراف بالذنب والنعمة حال الدعاء! كما في الحديث عن شداد بن أوس رضي الله عنه – عن النبي قال سيد الاستغفار أن تقول: «اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت». قال ومن قالها من النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها، فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة ( ).
8- عدم تكلف السجع في الدعاء: عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: «... فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه، فإني عهدت رسول الله وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك – يعني لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب -»( ).
9- الدعاء ثلاثًا: وقد قال – عليه السلام - «اللهم عليك بقريش» ثلاث مرات ( ).
10- استقبال القبلة: فعن عبد الله بن زيد قال: خرج النبي إلى هذا المصلى يستسقي، فدعا واستسقى، ثم استقبل القبلة فقلب رداءه ( ).
11- رفع اليدين بالدعاء: عن سلمان – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله : «إن ربكم – تبارك وتعالى – حي كريم يستحي من عبده! إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا»( ).
12- الوضوء قبل الدعاء إن تيسر: عن أبي موسى – رضي الله عنه – قال لما فرغ النبي من حنين، بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريد، وهزم الله أصحابه.
قال أبو موسى: «بعثني مع أبي عامر، فرمي أبو عامر في ركبته، رماه جشمي بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه فقلت: يا عم، من رماك؟ فأشار إلى أبي موسى فقال: ذاك قاتلي الذي رماني، فقصدت له فلحقته، فلما رآني ولى فاتبعته، وجعلت أقول: ألا تستحي ألا تثبت فكف، فاختلفنا ضربتين بالسيف، فقتلته، ثم قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك قال: فانزع هذا السهم، فنزعته فنزا منه الماء فقال: يا ابن أخي! انطلق إلى رسول الله فاقرئه مني السلام وقل له: يقول لك أبو عامر: استغفر لي: قال: واستعملني أبو عامر على الناس فمكث يسيرًا، ثم مات، فرجعت فدخلت على النبي في بيته على سرير مرمل وعليه فراش، قد أثر رمال السرير في ظهره وجنبه فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر، وقلت له: قال: قل له استغفر لي، فدعا رسول الله بماء فتوضأ منه ثم رفع يديه فقال: «اللهم اغفر لعبيد بن عامر» ورأيت بياض أبطيه، ثم قال: «اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك ومن الناس» فقلت: ولي يا رسول الله فاستغفر، فقال: «اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريمًا»( ).
13- البكاء في الدعاء من خشية الله: فعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما -: أن النبي تلا قول الله – عز وجل – في إبراهيم: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي [إبراهيم: 36]. وقال عيسى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة: 118]. فرفع يديه، وقال: «اللهم أمتي أمتي وبكى» فقال الله – عز وجل-: «يا جبريل، اذهب إلى محمد – وربك أعلم – فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل – عليه السلام – فسأله، فأخبره رسول الله بما قال: وهو أعلم فقال الله: يا جبريل، اذهب إلى محمد فقل: أنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك»( ).
14- إظهار الافتقار إلى الله والشكوى إليه.
15- أن يبدأ الداعي بنفسه إذا دعا لغيره: وثبت أن النبي لم يبدأ بنفسه.
16- أن لا يتعدى في الدعاء: عن أبي أمامة أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: أي بني، سل الله الجنة، وتعوذ بالله من النار، فإني سمعت رسول الله يقول: «سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء»( ).
17- التوبة ورد المظالم.
18- يدعو لوالديه وللمؤمنين مع نفسه! قال – تعالى – عن نوح – عليه السلام: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا [نوح: 28].
19- لا يسأل إلا الله وحده: كما في الحديث عن ابن عباس – رضي الله عنهما - «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله»( ).
20- حضور القلب: قال : «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه»( ).
21- استحباب الإتيان بجوامع الدعاء! مما ورد في الكتاب، أو السنة كقوله تعالى - رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201].
وقوله : «... يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك»( ).
22- ختم الدعاء بما يناسب طلب الداعي:
وذلك أبلغ في الدعاء وأجمع له؛ لقوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران: 8].
والداعي يستحب له أن يختم دعاءه بما يناسب طلبه، فإذا سأل الولد فيختم الدعاء مثلاً بأن الله هو الوهاب الرزاق.
23- تقديم الأعمال الصالحة بين يدي الدعاء: كالصلاة، والزكاة، والصدقة، وغيرها فهي تقرب من الله – تعالى – فإذا صلى العبد ثم دعا الله أو تصدق، ثم دعا الله كان ذلك أرجى وأحرى بقبوله.
* * *
أوقات وأحوال وأوضاع
ترجى إجابة الدعاء فيها وعندها
1- ليلة القدر: عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: قلتُ: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: «اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني»( ).
2- بر الوالدين من أسباب إجابة الدعاء: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه – سمعت رسول الله يقول: «يأتي عليكم أويس بن عامر، مع أمداد أهل اليمن، من مراد ثم من قرن، كان به برصٌ فبرئ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها برٌ، لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ...»( ).
3- دبر الصلوات المكتوبة: فعن أبي أمامة الباهلي – رضي الله عنه – قال: قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال: «جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات»( ).
4- الإكثار من نوافل العبادات بعد الفرائض: كما في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال: قال رسول الله : «من عاد لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استغاثني لأغيثنه، وما ترددت من شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأكره مساءته»( ).
5- الدعاء بعد التشهد الأخير في الصلاة وقبل السلام: ففي حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – أن رسول الله علمهم التشهد في الصلاة، ثم قال آخره: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو» وفي لفظ مسلم: «ثم يتخير من المسألة ما شاء»( ).
بين الأذان والإقامة: فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله : «الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة»( ).
7- جوف الليل الآخر: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله قال: «ينزل ربنا – تبارك وتعالى – كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فاستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له»( ).
وعن عمرو بن عبسة – رضي الله عنه – أنه سمع رسول الله يقول: «أقرب ما يكون الرب من العبد في الجوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن»( ).
8- الدعاء عند صباح الديك: ثبت عنه أنه قال: «إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله؛ فإنها رأت ملكًا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان؛ فإنه رأى شيطانًا»( ).
وقوله : «إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله»، قال النووي: قال القاضي: سببه رجاء تأمين الملائكة على الدعاء، استغفارهم وشهادتهم بالتضرع والإخلاص ( ).
9- عند النداء للصلوات المكتوبات: عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله : «ثنتان لا تردان، أو قلما تردان: الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضًا»( ).
10- عند إقامة الصلاة: فعن سهل – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله : «ساعتان لا ترد على دعوته: حين تقام الصلاة، وفي الصف في سبيل الله»( ).
11- ساعة من كل ليلة: عن جابر – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله يقول: «إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرًا من أمر الدنيا، والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة»( ).
12- ساعة من ساعات يوم الجمعة: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله ذكر يوم الجمعة فقال: «فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ وهو قائم يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه» وأشار بيده يقللها ( ).
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي قال: «إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه، وهي بعد العصر»( ).
وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – قال: قال عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما -: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله في ساعة الجمعة؟ قال: قلت: نعم سمعته يقول سمعت رسول الله يقول: «هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضي الصلاة»( ).
ورجح ابن القيم وغيره – رحمهم الله – من أهل العلم أن الساعة في يوم الجمعة هي بعد العصر ( ).
قال ابن القيم: «وعندي أن ساعة الصلاة ساعة ترجى فيها الإجابة أيضًا، فكلاهما ساعة إجابة، وإن كانت الساعة المخصوصة هي آخر ساعة بعد العصر، فهي ساعة معينة من اليوم لا تقدم ولا تتأخر، وأما ساعة الصلاة متابعة للصلاة تقدمت أو تأخرت؛ لأن لاجتماع المسلمين، وصلاتهم وتضرعهم، وابتهالهم إلى الله – تعالى – تأثيرًا في الإجابة، فساعة اجتماعهم ساعة ترجى فيه الإجابة، وعلى هذا تتفق الأحاديث كلها، ويكون النبي قد خص أمته على الدعاء والابتهال إلى الله – تعالى – في هاتين الساعتين»( ).
13- عند الشرب من ماء زمزم: عن جابر – رضي الله عنه – عن النبي قال: «ماء زمزم لما شربه له»( ).
14- في السجود: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجدٌ، فأكثروا الدعاء»( ).
15- عند الاستيقاظ من النوم ليلاً: والدعاء بالمأثور: عن عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – عن النبي قال: «من تعارّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وله الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قال: اللهم اغفر لي – أو دعا – استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته»( ).
16- عند الدعاء بدعوة (ذي النون) يونس – عليه السلام: عن سعد – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله : «دعوة ذي النون غذ دعا بها وهو في بطن الحوت، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجلٌ مسلمٌ في شيء قط إلا استجاب الله له»( ).
17- عند دعاء الناس بعد وفاة الميت: عن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت: دخل رسول الله على أبي سلمة وقد شق بصره، فأغمضه ثم قال: «إن الروح إذا قبض تعبه البصر» فضج ناسٌ من أهله، فقال: «لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون» ثم قال: «اللهم، اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وأفسح له في قبره ونور له فيه»( ).
18- عند قولك في دعاء الاستفتاح: «الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً» استفتح بها رجل من الصحابة فقال : «عجبت لها، فتحت لها أبواب السماء»( ).
19- عند قولك في دعاء الاستفتاح: «الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه» استفتح بها رجل صلاته، فلما قضى رسول الله صلاته قال: «أيكم المتكلم بالكلمات»؟ فأرم القوم، فقال: «أيكم المتكلم، فإنه لم يقل بأسًا» فقال رجلٌ: جئت، وقد حفزني النفس فقلتها، فقال النبي : «لقد رأيت اثني عشر ملكًا يبتدرونها أيهم يرفعها»( ).
20- عند قراءة الفاتحة ففي الحديث: «فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل»( ).
21- عند التأمين في الصلاة وإذا وافق تأمين الملائكة: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله قال: «إذا أمن الإمام فأمنوا؛ فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه»( ).
23- عند الرفع من الركوع وقولك: «ربنا ولك الحمد كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، عن رفاعة قال كنا نصلي وراء النبي فلما رفع رأسه من الركوع قال: «سمع الله لمن حمده» قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما انصرف قال: «من المتكلم؟» قال أنا قال: «رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أول»»( ).
23- عند قولك في الرفع من الركوع: اللهم ربنا ولك الحمد، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله قال: «إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد؛ فإنه من وافق قوله الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه»( ).
24- بعد الصلاة على النبي في التشهد الأخير: عن فضالة – رضي الله عنه – أن النبي : سمع رجلاً يصلي فمجد الله وحمده، وصلى على النبي فقال النبي : «ادع تجب وسل تعط»( ).
25- عند قولك قبل السلام في الصلاة: «اللهم، إني أسألك يا الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم» قال النبي عندما سمع هذا الدعاء من رجل يصلي «قد غفر له قد غفر له، قد غفر له» ثلاث مرات ( ).
26- عند قولك: «اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم» فقال النبي عندما سمع رجلاً يصلي يدعو بهذا الدعاء: «لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى»( ).
27- وكذلك عند الدعاء بـ: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد» قال لرجل سمعه يدعوا بهذا الدعاء: «لقد سألت الله بالاسم الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب»( ).
28- عند دعاء المسلم بعد الوضوء بالمأثور: عن عمر – رضي الله عنه – عن النبي أنه قال: «ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء»( ).
29- الدعاء يوم عرفة في عرفة للحاج: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي قال: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير»( ).
30- بعد زوال الشمس قبل الظهر: عن عبد الله بن السائب – رضي الله عنه – أن رسول الله كان يصلي أربعًا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر وقال: «إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح»( ).
31- في شهر رمضان: فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله : «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين»( ).
32- عند اجتماع المسلمين في مجالس الذكر: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي أنه قال: «إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم، قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا قال: فيسألهم ربهم – عز وجل – وهو أعلم منهم، ما يقول عبادي؟ قالوا: يقولون: يسبحونك، ويكبرونك، ويحمدونك، ويمجدونك» ... الحديث. فيه فيقول: «فأشهدكم إني قد غفرت لهم قال: يقول ملك من الملائكة فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم»( ).
33- الدعاء في عشر ذي الحجة: عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي أنه قال: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» - يعني أيام العشر – قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء»( ).
* * *
بعض الدعوات المستجابات
1- دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة: عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – أنه قال: «ما من عبد مسلم يعدو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل»( ).
2- دعوة المظلوم: حين بعث الرسول معاذًا إلى اليمن قال له: «واتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب»( ).
3- دعوة الوالد لولده أو على ولده.
4- دعوة المسافر: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله : «ثلاث دعواتٌ يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده»( ).
5- دعوة الصائم عند فطره، ودعوة الإمام العادل ودعوة المظلوم: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – يرفعه: «ثلاث لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين»( ).
6- دعوة الولد الصالح: لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه - «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»( ).
7- دعوة المضطر: قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل: 62].
8- من بات طاهرًا على ذكر الله: عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – عن النبي قال: «ما من مسلم يبيت على ذكر الله طاهرًا، فيتعار من الليل، فيسأل الله خيرًا من الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه»( ).
9- دعوة من دعا بدعوة ذي النون: عن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله : «دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت لا إله إلا الله أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له»( ).
10- دعوة المستيقظ من النوم: ودعاؤه بالمأثور عن عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – عن النبي أنه قال: «من تعارّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له، فإن عزم وتوضأ قبلت صلاته»( ).
11- دعوة الولد البار بوالديه: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله : «إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا رب أني لي هذا؟ فيقول: باستغفار ولدك لك»( ).
12- دعوة الحاج والمعتمر والغازي في سبيل الله: لحديث ابن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي قال: «الغازي في سبيل الله، والحاج، والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم»( ).
13- دعوة الذاكر الله كثيرًا: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي قال: «ثلاث لا يرد دعاؤهم: الذاكر الله كثيرًا، ودعوة المظلوم، والإمام المقسط»( ).
14- دعوة من أحبه الله ورضي عنه: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله : «إن الله تعالى – قال: من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فعاله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته»( ).
* * *
دعاء آدم – عليه السلام -
عصى آدم – عليه السلام – ربنا – تبارك وتعالى – بأكله من الشجرة التي نهاه أن يأكل منها، لأن إبليس – لعنه الله – أغراه بالأكل منها، فكما قال – تعالى -: فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ [الأعراف: 22].
وبعدها دعا آدم الله – تعالى – وطلب منه المغفرة والعفو ثم إن الله تاب عليه كما قال عز وجل - فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة: 37]، بل إن الله خصه بالاجتباء بقوله – سبحانه - ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى [طه: 122].
* * *
دعاء نوح – عليه السلام -
قال – تعالى - وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا [نوح: 26].
قال ابن كثير – رحمه الله – أي لا تترك على وجه الأرض منهم أحدًا، ولا ديارًا، وهذه من صيغ تأكيد النفي. ثم قال بعد ذلك فاستجاب الله له، فأهلك جميع من في الأرض من الكافرين، حتى ولد نوح لصلبه الذي اعتزل عن أبيه وقال: قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ [هود: 43].
ونجي الله أصحاب السفينة الذين آمنوا مع نوح – عليه السلام – وهم الذين أمره الله بحملهم معه ( ).
* * *
دعاء إبراهيم – عليه السلام -
قال – تعالى -: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ [إبراهيم: 35].
قال ابن كثير – رحمه الله -: «ولقد استجاب الله له فقال تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا [العنكبوت: 76]».
وقال تعالى: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ [إبراهيم: 37].
قال ابن كثير – رحمه الله -: وقد استجاب الله ذلك كما قال: وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا [القصص: 57].
وهذا من لطفه – تعالى – وكرمه، ورحمته وبركته، أنه ليس في البلد الحرام مكة شجرة مثمرة، وهي تجبي إليها ثمرات ما حولها، استجابة لدعاء الخليل – عليه السلام - ( ).
فاستجاب الله – جل وعلا – لخليله إبراهيم – عليه السلام – وهو في مواضع كثيرة مطولة، وهكذا جميع الأنبياء فإن دعاءهم مستجاب؛ لأنهم حققوا أسباب استجابة الدعاء، ولذلك قال تعالى عن إبراهيم – عليه السلام -: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ [إبراهيم: 39] قال ابن كثير في تفسيره: «أي أنه يستجيب لمن دعاه».
* * *
دعاء يعقوب – عليه السلام -
فقد يعقوب – عليه السلام – ابنه يوسف – عليه السلام – وحزن عليه حزنًا عظيمًا كما قال تعالى: وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ [يوسف: 84]. ثم فقد أخاه لما وضع في رحله صواع الملك بتدبير من يوسف – عليه السلام – فرجعوا إلى أبيهم وأخبروه، فقال يعقوب – عليه السلام -: قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ * قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف: 83-87].
فاستجاب الله – سبحانه – له فرد عليه يوسف وأخاه وأبصر بعد ما وضع عليه قميص يوسف – عليه السلام – واستغفر لإخوته، وذهبوا إلى مصر جميعًا، وكانت هذه عاقبة الصبر.
* * *
دعاء يوسف – عليه السلام -
قال – تعالى – عن يوسف – عليه السلام -: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [يوسف: 33-34]. قال ذلك – عليه السلام – بعد ما راودته امرأة العزيز على نفسه، فاعتصم بالله – تعالى – وقال معاذ الله بعد ما أشيع في المدينة من قبل النساء بقولهن: امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ ... [يوسف: 30]. فجمعتهن امرأة العزيز وأمرت يوسف بالدخول عليهن، فتعجبن من جماله فقالت لهن: فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ [يوسف: 32] فعند ذلك دعا يوسف الله – عز وجل – بأن يصرف عنه كيدهن، فاستجاب الله له، وصرف عنه كيدهن إنه هو السميع لدعاء من دعاه العليم بحاله.
* * *
دعاء موسى – عليه السلام -
قال تعالى: وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ * قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا [يونس: 88089].
قال ابن كثير – رحمه الله -: «استجاب الله لموسى – عليه السلام – ومن معه، وأهلك فرعون وقومه بالغرق»( ).
* * *
دعاء أيوب – عليه السلام -
قال – تعالى -: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء: 83-84].
قال ابن كثير – رحمه الله -: «يذكر الله – تعالى – عن أيوب – عليه السلام – ما كان أصابه من البلاء في ماله، وولده وجسده، وذلك أنه كان له من الدواب والأنعام والحرث، شيء كثير وأولاد ومنازل مرضية، فابتلي في ذلك كله وذهب عن آخره، ثم ابتلي في جسده ... ولم يبق فيه عضو سليم سوى قلبه ولسانه يذكر بهما الله – عز وجل – حتى عافه الجليس، وأفرد في ناحية من البلد، ولم يبق أحد من الناس يحنو عليه سوى زوجته، كانت تقوم بأمره، ويقال إنها احتاجت، فصارت تخدم الناس من أجله ... وقد كان نبي الله أيوب – عليه السلام – في غاية الصبر وبه يضرب المثل»( ).
ثم ذكر ابن كثير – رحمه الله – بعد ما ساق الروايات في القصة قال: «فعند ذلك دعا الله – عز وجل – فقال: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء: 83]»( ).
وبعد أن دعا الله – عز وجل – بعد ذلك البلاء الذي مكث فيه ثماني عشر سنة، وقيل: سبع سنوات، وقيل ثلاث سنوات، دعا ربه – عز وجل -: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء: 83].
* * *
دعاء يونس – عليه السلام -
قال تعالى: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء: 87-88].
ذكر المفسرون تفسير هذه الآية فقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله -: «وذلك أن يونس بن متى – عليه السلام – بعثه الله إلى أهل نينوى ... فدعاهم إلى الله – تعالى – فأبوا عليه، وتمادوا على كفرهم، فخرج من بين أظهرهم مغاضبًا لهم؛ ووعدهم بالعذاب بعد ثلاث، فلما تحققوا منه ذلك، وعلموا أن النبي لا يكذب، خرجوا إلى الصحراء بأطفالهم، وأنعامهم ومواشيهم، وفرقوا بين الأمهات وأولادهن، ثم تضرعوا إلى – عز وجل – وجاءوا إليه ورغت الإبل وفصلانها، وخارت البقر وأولادها، وثغت الغنم وسخالها، فرفع الله عنهم العذاب ... وأما يونس – عليه السلام – فإنه ذهب، فركب مع قوم في سفينة، فلججت بهم، وخافوا أن يغرقوا فاقترعوا على رجل يلقونه من بينهم يتخففون منه، فوقعت القرعة على يونس فأبوا أن يلقوه، ثم أعادوا القرعة فوقعت عليه أيضًا فأبوا، ثم أعادوا فوقعت عليه أيضًا، قال الله: فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ [الصافات: 141] ... فقام يونس – عليه السلام – وتجرد من ثيابه، ثم ألقى بنفسه في البحر»( ).
قال تعالى: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ [الصافات: 142].
وقد أوحى إليها الله ألا تأكله قال تعالى: فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء: 87-88].
* * *
دعـاء نمـلة
صح أن سليمان – عليه السلام – قد أوتي منطق الطير، وقد خرج مرة يستسقي بالناس، وفي طريقه رأى نملة رفعت رجليها تدعوا الله – عز وجل – بالغيث، فقال سليمان – عليه السلام -: أيها الناس، عودوا فقد كفيتم بدعوة غيركم، فأخذ الغيث ينهمر بدعاء تلك النملة.
* * *
دعاء زكريا – عليه السلام -
قال – عز وجل -: هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ [آل عمران: 38].
وقال – جل وعلا -: وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ [الأنبياء: 89-90]. بعد أن دعا نبي الله زكريا – عليه السلام – ربه – عز وجل – بأن يهب له ذرية طيبة، استجاب الله له، ووهب له يحيى – عليه السلام – بعدما كبر زكريا – عليه السلام – لما رأى أن الله – تعالى – يرزق مريم – عليها السلام – كما قال تعالى: كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [آل عمران: 37].
عند ذلك دعا الله – عز وجل – فاستجاب الله له، وأصلح له زوجه.
* * *
دعاء عيسى – عليه السلام -
قال – تعالى -: قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ [المائدة: 114-115]. دعا عيسى – عليه السلام – بهذه الدعوة بعد أن قال له الحواريون: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة: 112]. فاستجاب الله – سبحانه وتعالى – له دعوته.
* * *
دعاء في طريق الهجرة
دعا رسول الله على سراقة بن مالك لما لحق بالنبي وأبي بكر – رضي الله عنه – في طريقهما للهجرة؛ لكي يأخذ مائة من الإبل؛ لأن قريشًا جعلت لمن يقتله أو يأسره ذلك، فقال أبو بكر – رضي الله عنه -: يا رسول الله، هذا فارس قد لحق بنا، فالتفت إليه النبي فقال: «اللهم اصرعه» فساخت يدا فرس سراقة في الأرض حتى بلغت الركبتين، فقال سراقة: ادع لي، فدعا له الرسول ، فنجت الفرس وخرجت، ثم إن سراقة أسلم بعد سنوات – رضي الله عنه -.
* * *
دعاء نبينا محمد
عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – أن النبي كان يصلي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، إذ قال بعضهم لبعض؛ أيكم يجيء بسلا جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم، فجاء به فانتظر حتى سجد النبي فوضعه على ظهره بين كتفيه وأنا أنظر لا أغني شيئًا، لو كان لي منعه! قال: فجعلوا يضحكون، ويميل بعضهم على بعض ورسول الله ساجد لا يرفع رأسه، حتى جاءته فاطمة فطرحته عن ظهره، فرفع رسول الله رأسه، ثم قال: «اللهم عليك بقريش» ثلاث مرات فشق عليهم إذا دعا عليهم، وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة، ثم سمى: «اللهم عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط» وعد السابع فلم يحفظ قال: فوالذي نفسي بيده، لقد رأيت الذين عد رسول الله صرعى في القليب قليب بدر ( ).
* * *
دعاء النبي
قال أبو هريرة – رضي الله عنه – قدم طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه على النبي ، فقالوا: يا رسول الله، إن دوسًا عصت، وأبت فادع الله عليها. فقيل هلكت: دوس، قال النبي : «اللهم أهد دوسًا وائت بهم»( ). فأسلم دوس.
* * *
دعاء النبي
لعبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه
لما استقر النبي بالمدينة، وآخى بين المهاجرين والأنصار، ذهب بعض المهاجرين يبيع ويشتري، ومنهم عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه – حتى جمع مهر امرأة فتزوج، وجاء إلى النبي عليه أثر طيب، فقال له النبي : «مهيم! يا عبد الرحمن» - وهي كلمة يمانية تفيد التعجب – فقال: تزوجت. فقال: «وما أعطيت زوجتك من المهر؟» قال: وزن نواة من ذهب. قال: «أولم ولو بشاة، بارك الله لك في مالك» قال عبد الرحمن: فأقبلت الدنيا علي، حتى رأيتني لو رفعت حجرًا لتوقعت أن أجد تحته ذهبًا أو فضة. ولما مات خلف لورثته مالاً لا يكاد يحصه العد، فقيل إنه ترك ألف بعير، ومائة فرس، وثلاثة آلاف شاة، وكن نساؤه أربع فبلغ ربع الثمن الذي خص لكل واحد منهن ثمانين ألف، وترك من الذهب والفضة ما قسم بين ورثته بالفؤوس، حتى تأثرت أيدي الرجال من تقطيعه ( ).
* * *
دعاء النبي
لأنس بن مالك – رضي الله عنه -
عن قتادة عن أنس عن أم سليم أنها قالت: يا رسول الله ، هذا أنس خادمك ادع الله له، قال: «اللهم أكثر ماله، وولده، وبارك له فيما أعطيته»( ). «وأطل حياته، واغفر له»( ). قال أنس: «فوالله»، إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي ليتعدون نحو المائة اليوم ( ).
وحدثتني ابنتي أمينة أنه دفن لصلبه بضع وعشرون ومائة ( ) وطالت حياتي حتى استحيت من الناس وأرجو المغفرة ( ) وكان له بستان يحمل في السنة الفاكهة مرتين، وكان فيه ريحان يجيء منها ريح المسك ( ).
* * *
دعاء النبي لأصحابه
عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – أن النبي خرج يوم بدر في ثلاثمائة وخمسة عشر وقال: «اللهم إنهم حفاة فاحملهم، اللهم إنهم عراةٌ فاكسهم، اللهم إنهم جياع فأشبعهم» فتح الله له فانقلبوا وما منهم رجل إلا وقد رجع بجمل أو جملين واكتسوا وشبعوا. رواه أبو داود وغيره.
* * *
دعاء النبي لعلي – رضي الله عنه -
عن علي – رضي الله عنه – قال: كنت راكبًا فمر بي رسول الله وأنا أقول: اللهم إن كان أجلي قد حضر فارحمني، وإن كان متأخرًا فارفعه عني، وإن كان بلاء فأصبرني، فقال رسول الله : «كي